خواطر في صفحات الغياب
عندما غادرتِ ... تَركني قلبي وفَضَّلَ مَعكِ الذهابْ ...
فعطفاً على عاشقٍ لتوهِ قد فارقَ أَعزَّ الأحبابْ ....
ولكن الروحَ مهما طالَ البعدُ .. فمصيرُها الإيابْ ...
لكن ..
هل تعلمينَ إني لم أشتقْ إلى رؤياكِ للحظة !
فأنت لم تغيبي من أمامِ عينيَ ولو للحظةْ ...
أراكِ في الصباحِ ترتفعينَ رويداً .. رويداً في السماء ..
جنباً إلى جنبٍ مع الشمس ...
إلا أنني لا أرى الشمسَ .. فجمالُكِ هو الذي يضيءُ الأفُقَ ...
ويطغى بروعَتِه على اللونِ الذهبيِ لأشعتها ...
أرى صورتَك في المرآة عندما أغتَسِلُ صَباحاً ..
كعذراءٍ جميلةٍ قطراتُ الماءِ تبرقُ على خديها كالألماس ..
إلا أن بريقَ جميع ما في هذا العالمِ من ألماس
لا يعادِلُ جمالَ بريقِ عينيكِ ...
فكيفَ إن كُنت أرى نفسي فيهما ؟!!!!
أشتَّمُ رائحَتكِ في رائحةِ قهوةِ الصَّباحْ ...
في رائحةِ شروقِ الشمسِ .... في رائحةِ الأرضِ الندية بعدَ طولِ المَطر ..
أشتّّمُها في كُلِ ثيابي ...
حتى عطري استحالَ إلى رائحتك ...
فأدَعُ تلك الرائحةَ تهبُ بهدوءٍ إلى داخلِ رئتيَ ...
إلى داخلِ روحي ...
أدَعُها تنتشِرُ إلى كُلِ خليةٍ داخلَ جسمي ..
فهذه الرائحةُ ضروريةٌ عندي أكثرَ من الدم ....
لا ... بل أنتِ الدَّّمُ الذي يجري في عروقي ...
عندما أضعُ قميصي على جسمي أشعرُ بشيءٍ ..
فلا أتخيلُ ذلكَ إلا ملمَسَ يديكِ الطاهرة الرقيقة ..
وهي تحيطُ بيَ ... كأنها تُريدُ أن تَهمِسَ شيئاً في أُذني ...
كأنها تُريدُ أن تُعانقني حتى نهايةِ الأزمانْ .....
وأُجبرُ نفسي على تَركِ ذلك القميصِ يستقرُ على جسدي بهدوءٍ وطمأنينة ...
كالتي أشعرُ بِها عندما أكونُ بقربكِ .. أو حتى عندما أفكِرُ بِكِ ...
لذا فأنا أعيشُ حياتي كلها في طمأنينةٍ دائمةٍ ....
وفجأة .. تمسُ يديَ صدري الذي يهبِطُ ويصعَدُ بسرعة ...
نعم .. الحَمد لله ...
هذا هو حُبُكِ ينبضُ داخلي .. ويبعَثُ في شراييني الحياةَ ..
فقلبي قد رحلَ برحيلكِ .. ألا تَذكرين ...
ولكن حُبُكِ موجودٌ على الدوامِ ليحلَ مَحَله ...
فما أجملَ حياتي الآن !!!!! .. فهي كٌلٌها لأجلِكِ ....
ولكن أرجوكِ أن تترُكي مجالاً صغيراً في صدرِك لقلبيَ اليتيمْ ...
الذي لا يجِد مأوى لَهُ سواكِ ...
دَعيهِ ينبضُ قُربَ قلبك ... واستشعري ضَرباتهما ....
فها هي فرحتهما الطاهرة تَزدادُ مع كُلِ ضَربةٍ ...
فهل هنالك أجملُ من الاتحادِ بينَ قلبينِ عاشقينْ ...!
أغادرُ موطني لأبحَثُ عَنك ....
لا بل لأبحث عن قلبي ...
أو ربما لأبحث عَنكُما معاً ...
فأسيرُ هائِمَ الخُطى .. لا أعرفُ أين أذهب ..
فأحاوِلُ أن أسأَلَ حُبكِ الهائِمَ في صَدري عَن مكانِكِ ...
فيستمرُ في الخفقانِ بصمتٍ قاتلْ ...
فلا أرجوُ سوى أن يكونَ قد طابَ له المقامُ بينَ ضُلوعي ...
كما كانَ سيشعرُ قلبي إن سمحتِ لهُ بالمكوثِ بينَ ضلوعك ...
وأنا تائهٌ في خطى الحُّبِ ذَاك ..
فإذ بي أصادِفُ أطفالاً صِغار ...
فها هم يتراكضونَ وأصواتُ ضحكاتهم الإلهية يترددُ في الفضاء ..
ونظراتهم البريئةُ الطفوليةُ .. تنتشرُ في كافة الأنحاء.....
حتى تلتقي بعينيَّ ...
وعلى الفورِ ... تشعلُ ذكرى قديمة منطفئة ...
ذكرى لم أكن أريدُ لها الاشتعالَ كي لا تحرِقََني ...
إنها ذكراكِ ... ذكرى عينيكِ التي تشع بالبراءةِ والصدقِ والحنانْ ....
آه من سخريةِ الأقدارِ ....
آه لو أن من يدعو الأطفالَ بملائكة صغارِ ينظرُ للحظة في عينيكِ ....
لأدركَ خطأهُ على الفور ....
فإن كان هنالك نظرةُ تستحقُ الوصفَ فهي نظرة عيناكِ
وإن كان لابُدَ من وصفٍ ... فأنت ملاكي ....
أضعتٌكِ فرحتُ أبحثُ عنكِ بين غيومِ السماء ....
أفتِّشُ بينَ زهورِ الحقلِ ... بينَ نسائِمِ المساء ....
أنتِ سببُ شقاءِ قلبي في هذه الحياةِ ... إلا أن قلبي يُحبُ الشّقاء ...
أنتِ هي معاناةُ روحي في هذهِ الدُنيا .. إلا أنني عَودتُها حُبَ العَناء ..
سأجِدُكِ بعدَ غيابِ الشَمسِ .. فالقمرُ حينَها لا يستطيعُ الإختفاء ...
سأجِدُكِ زهرةً ... فراشةٌ ملونةٌ بلونِ خدودِ جميلةٍ حَسناء ...
وإن لم أجِدكِ فتأكدي أن حبِّيَ لن يَموتَ ... فالحُّبُ لا يعرِفُ الفَناء .....
لا أريدُ أن أحتَضِنَكِ .... أو أودِعَك ِ....
فقط أريدُ ورقة ....
فبعد أن خطفتي قلبي .. لم يَعد لِدَمي فائدة ...
فها أنا سَأكتب بِهِ كَلمَةَ أحِبُكِ على صَفحةِ السماءِ الزرقاء ....
سأُزيِّنُ اسمكِ على أوراقِ الأزهار .. وجذوعِ الأشجار ...
أرسم عينيكِ على أجنحةِ الفراشات .. وعلى صفحات مياه البحيرات ...
لن أتركَ شبراً في الأرضِ أو في السماءِ دون أن أزرَعُهُ حُباً .....
لأنَ حبك كان الدمَ الذي يجري في عروقي ....
نعم ... سأنشُرُ الحُّبَ .. مع رائِحةِ الورودِ في كُلِ بساتينِ الأرضِ ...
لكن دونَ أن أدري ما هو الحُّب ...
فالحُّب لهبٌ يحرِقُ الأسى وأنتِ بالحُّبِ تَحرقيني ....
الحُّبُ ثورةٌ على ظلمِ الحياةِ وأنت بالحُّبِ تظلميني ...
نعم ... الحُّبُ هو الحياةُ ... ولكنك بالحُّبِ تَقتليني ....
لقد سلبتني برحيلكِ قدرَةَ التَّعبيرِ ....
فألمُ الرُّوحِ ... لا تَستطيعُ إلا الرُّوحُ التعبيرَ عَنهُ ....
كان قلبي يَدقُ فَرَحاً ... والآن أخذتْ كلُ دقةٍ تُحصي كم من الوقت قد تبقى لي في هذه الدنيا ...
والتي ما عاد إسمها دنيا .. لحظَة غادرتي ...
لقد تركتيني غارقاً في ظلماتِ المصيرْ ...
مترنحاً في أعاصيرِ الحيرة ...
تائهاً لوحدي في بلادِ الخَوف ...
ولأولِ مرَّةٍ أفقدُ عقلي وروحي وجسدي معاً ..
لأولِ مرَّةٍ أحس بأني جثةٌ عاجِزةٌ عن أي تعبير ...
ولأولِ مرَّةٍ أشعرُ .... بروحي تبتسِمُ أمامي ...
هذهِ اللحظة .. ... وفقط هذه اللحظة .. عَرَفتُ ما الحياة ...
ولم أجرأ أن أتصوَرَ كيفَ ستمضي بعدُ هذه الحياة ...
فقد وقفتِ الحياةُ .... وتجَمَّدَ الزَّمانُ .... وانحنت الأرواحُ ...
إجلالاً لِحبٍ ...
ما وُلِدَتْ إلا بِهِ حياتي ..
وما عِشتُ إلا لهُ زَماني ...
وما شَعرتُ إلا فيهِ بروحي ...
أعطيتُ يديْ قَلماً لأصِفَ حلاكِ .. فرَاحَ يَخُطُّ على الجُدرانِ عيناك ِ ..
لا تقتُلي عشقِيَ المتواضِعَ حبيبتي .. فأنا أحيا لكِ ولسْت أهواكِ .....
والحُّبُ كانت به الحَياةُ ... فكيف لا يموتُ قلبيَ المُحِبُ فِداكِ
....
لا تنخدعِي ...
أنا سعيدٌ بموتِك سيدتي ....
لو إنك فقط ابتسمتِ ..
أو ارتعشتِ ...
أو نَظرتِ لعينيَ لوهلةٍ قبلَ أن تَقتليني ...
فأنا منذُ اللحظةِ الأولى ... أحببتُك بروحي وكياني ...
تركتُ الدُنيا .................. وألحقت بك إيماني ....
ببساطَةٍ افترقنا ..... فزادت دموعي بحرَ أحزاني ...
أنا سعيدٌ بموتِك سيدتي ...
لأن حبكِ قبل أن يقتُلني كانَ قد أحياني ....